الثلاثاء، 1 أبريل 2014

تفاصيل قانون اللاعب المحلي HGP



مقدمة


في عام 1990 بعدما أنتهى عقده , أراد لاعب بلجيكي يُدعى ( جين مارك بوسمان) الإنتقال من ناديه البلجيكي (لييغ) والذي يلعب في دوري الدرجة الأولى البلجيكي إلى نادي دونكركه الفرنسي. لم يستطيع ناديه الجديد إستيفاء الشروط المادية التي طلبها ناديه البلجيكي لذلك لم يتم الإنتقال. بعد فترة وجيزة وبسبب عدم لعبه كـ لاعب أساسي نزل سعره و لم يعد لاعب مرغوبا به مثل السابق.

حينها تقدم جين بوسمان بـ شكواه إلى المحكمة الأوروبية العليا في لوكسمبورغ بعدما أتفق مع محامي بلجيكي شاب اسمه (جين لويس دوبنت) متخصص في قوانين الإتحاد الأوروبي لـ التو تخرج من الجامعة . لا أحد حينها توقع أن يخرج هذا اللاعب البلجيكي المغلوب على أمره بأي نتيجة فـ الأندية الأوروبية لها نفوذ كبيرة جدا و المحامي شاب ليس لديه أي خبره.

المحامي دوبنت ذكي جدا وماهر للغاية , إختار اللعب على وتر حسَاس وهو حرية اللاعبين وعدم معاملتهم كـ رقاق . نجح المحامي في إثبات وجود مخالفات قانونية في قوانين إنتقال اللاعبين في الإتحاد الدولي (الفيفا) وتعارضها مع قوانين الإتحاد الأوروبي التي تنص على إنتقال العمال والموظفين من دون شروط أو قيود فيما بين دول الإتحاد الأوروبي.

في يوم 15 ديسمبر من عام 1995 أعلنت المحكمة قرارها التاريخي بـ فوز اللاعب بـ هذه القضية و أعلنت عن قرارين تاريخيين :
  • إعطاء الأحقية لـ اللاعب بـ الإنتقال من ناديه إلى اي نادي آخر من دون أي مبالغ مالية في حال انتهى عقده.

  •  معاملة اللاعب الأوروبي داخل دول الإتحاد الأوروبي معاملة اللاعب المحلي , وبالتالي إلغاء ضرورة وجود حصة معينة للاعبين الأجانب التي يريدها الإتحاد الدولي.

هنا المحامي دوبنت (الثاني من اليسار ) و بوسمان ( الأوسط) يحتفلان بفوزهم بالقضية في المحكمة الأوروبية في عام 1995 مع بقية الفريق القانوني.


بإختصار شديد هذه هي تفاصيل قانون بوسمان والذي غيَر وجه الكرة الأوروبية. حديثنا الأن سيكون حول قانون آخر بـ الإمكان إعتباره  بمثابة التعديل على قانون بوسمان و بديل لـ قانون 6+5 الذي أراد  تطبيقه الإتحاد الدولي لكنه فشل في ذلك.

Home grown player rule - HGP 


بـ الإمكان ترجمة هذا القانون تحت مسمى " اللاعب المحلي". في 2005 أقر الإتحاد الأوروبي هذا القانون الذي يُلزم أي نادي مشارك في البطولات الأوروبية على تقديم حصة معينة من اللاعبين المحليين ضمن القائمة المرسلة لـ الإتحاد. طُبقت بنود هذا القانون بـ شكل تدريجي : في موسم 2006-2007 يجب أن يكون عدد اللاعبين المحليين في كل نادي يود المشاركة في المسابقات الأوروبية على الأقل 4 لاعبين , ثم ارتفع العدد إلى 6 لاعبين في موسم 2007-2008 حتى وصل إلى 8 لاعبين من أصل 25 لاعب في موسم 2008-2009 .

متى يُعتبر اللاعب , لاعب محلي؟
بغض النظر عن الجنسية  يُعتبر اللاعب محلياً إذا قضى ثلاث سنوات على الأقل في الفئة العمرية ما بين 15-21 في أكاديمية النادي أو احد الأكاديميات الآخرى من نفس الدولة. اليويفا لا يضع أبدا أي شروط أو قيود على الجنسية.

 كان الهدف من هذا القانون بـ حسب رؤية اليويفا هو توفير الحماية والدعم لـ التدربيات الجيدة للاعبين الشبان و زيادة التوازن التنافسي بين الأندية.

الأندية الأوروبية خصوصا الكبرى منها لا تحب أن تُضيَق عليها الخيارات وتحارب قدر الإمكان على نقض أي قانون تشعر ان فيه ضرر على مصالحها. أغلب هذه الأندية لا تؤيد هذا القرار لسببين: سيؤدي هذا القانون قطعا لـ إرتفاع أسعار اللاعبين من نفس الدولة التي ينتمي لها هذا النادي , و سيعطي أفضلية نسبية لـ الأندية التي تملك أكاديمية مُنتِجة .

كما يُقال بـ الأمثلة تتضح الصورة , لذلك سوف أطرح مثل حدث في موسم 2008-2009 حتى نرى حجم تأثير مثل هذا القانون : ناديي ليفربول و برشلونة كانا من أفضل الاندية في ذلك الموسم. كلا الناديين مطالبين بتقديم قائمة مكونة من 25 لاعب إلى اليويفا بحكم مشاركتهما في مسابقة دوري الأبطال. هذا القائمة يجب ان تحوي على الأقل 8 لاعبين محليين بـ الشروط التي حددها الإتحاد الأوروبي.


البرسا وبفضل أكاديميته المميزة ( اللامسيا ) لم يُعاني البتة , يكفي فقط أن نذكر أن لاعبين أمثال : فالديز , بويول , بوسكتس , انيستا , تشافي , ميسي و بيدرو كلهم تنطبق عليهم شروط قانون اللاعب المحلي. في المقابل ليفربول حينها لم يكن لديه سوى : جيرارد , كاراغر و جيرمين بيننات .. أضطر حينها مدرب الفريق الإسباني رافا بنتيز على إدراج أسماء شابة : مارتن كيلي , جي سبيرنغ و ستيفن أروين فقط لـ إكمال الشروط المطلوبة من النادي.

مع ذلك لا زال ينقص ليفربول اسمين آخرين , سيوفي هذا النقص بـ تعاقدات جديدة مع لاعبين بريطانيين. وهذا كان سببا واضحا في تضييق خيارات التعاقدات التي سيبرمها الفريق. نجح النادي الإنجليزي في التعاقد مع لاعب واحد ( روبي كين) وفشل في التعاقد مع اللاعب الآخر (غاريث باري) بسبب القيمة المالية التي طلبها ناديه استون فيلان الذي يعلم مسبقا بحاجة ليفربول لـ لاعب بريطاني.

من هذا نستشف أن البرسا لم يضيع الوقت ولا المال و لا الخيارات بسبب هذه القانون لأنه يمتلك أكاديمية تدر عليه لاعبين مميزين بعكس ليفربول الذي أضاع صيف ذلك العام في كيفية إستيفاء شروط هذا القانون.

الواقع يقول ان غالبية الأندية الأوروبية هي من نوعية ليفربول لا البرسا بل ان حتى الأخير أصبح يعاني مؤخرا من جفاف في لاماسيته لذلك الاندية الأوروبية  تتحدث بـ إستمرار عن هذا القانون وأضراره , وتطرح تساؤل جوهري : ما هي الجدوى من تطبيق مثل هذا القرار؟

الأندية الغنية كانت قادرة على تجاوز هذه المحنة  _إن صح التعبير _ بتقديم 8 أسماء شابة كـ إرضاء لليويفا و دفع مبالغ طائلة لـ التعاقد مع لاعبين أجانب يعوضون هذا النقص. إنتر 2010 خير من يمثل هذه الفئة عندما شارك في نهائي دوري الأبطال بـ 11 لاعب أساسي كلهم أجانب .هذا كان قبل تطبيق نظام ( Fair Play ) , لذلك كل الأندية سـ تتحد لـ نقض هذا القرار.

الأندية الأوروبية الكبرى فيها من الذكاء و النفوذ ما يجعلها تُحرك المفوضية الأوروبية حول هذا القانون. هذه الاندية لعِبت على نفس الوتر الذي لعب عليه محامي بوسمان السيد دوبنت وهو حرية اللاعبين. ادعت هذه الأندية ان قانون "اللاعب المحلي" فيه مخالفات صارخه لـ بنود تنقل العمال بين دول الإتحاد.


لذلك قامت المفوضية الأوروبية في 2008 بدراسة شاملة و وافية لهذا القانون. أنتجت هذه الدراسة عن وجود تجاوزات طفيفة لكن في المقابل هنالك إيجابيات للاعبين الشبان لذلك كانت التوصية بـ متابعة هذا القانون عن قرب حتى عام 2012 ومن ثم القيام بدراسة أخرى.

فعلا في 2013 قامت المفوضية بدراسة أخرى كانت نتائجها كـ التالي: لا يمكن إثبات ان هنالك تجاوزات لـ نظام حرية تنقل اللاعبين وليس هنالك فوائد كبيرة من هذا القرار فيما يخص التوازن التنافسي و دعم اللاعبين الشباب. تقول المفوضية: بـ الإمكان تعديل هذا القانون حتى نرفع من نسبة الفائدة و نقلل من القيود التي فيه. المفوضية أوصت ان يتناقش الإتحاد الأوروبي مع اصحاب المصالح من إتحادات أهلية ولجان ذات العلاقة لتحليل هذا القرار وتعديله في مدة أقصاها 3 سنوات.

بعض الأراء حول هذا القانون
فلاديمير سبيدلا عضو المفوضية الأوروبية السابق للشؤون الإجتماعية و شؤون التوظيف وتكافؤ الفرص : مقارنة بقانون الفيفا (6+5) , أرى أن قانون اللاعب المحلي يتناسب مع مبادئ حرية تنقل العمال.

ديفيد دين  نائب رئيس الآرسنال السابق و الداعم بقوة لـ تطوير اللاعبين الشباب : هذا القانون من شأنه تدمير مُنتج أي أكاديمية وذلك عندما تستعجل الأندية في إدراج أسماء شابة لا تمتلك الخبرة الكافية لـ المشاركة في مثل هذه البطولات.

يان فيغل المفوض الأوروبي المسؤول عن التعليم والتدريب والثقافة والشباب : التدابير التي تحافظ على جودة هياكل تدريب الشباب يبدو لي أنها ضرورية . وبالتالي فإن قواعد الاتحاد الاوروبي كـ هذا القانون تجنب أندية كرة القدم المهنية مخاطر التخلي عن هياكل التدريب .

داني هوسين اللاعب الهولندي الشاب والمحترف السابق في نادي فولهام: أويد هذا القرار بالطبع , في بعض الدول اللاعبين الشبان يجدون الفرصة الكاملة لـ اللعب لكن في إنجلترا يجب أن تكون مميزا ومختلفا أو تمتلك الخبرة الكافية حتى تجد فرصتك للعب في البريميرليغ. في إسبانيا , هولندا وألمانيا يجد اللاعبون الشباب فرصة أكبر للعب.

خوسيه لويس الرئيس السابق لـ رابطة الليغا الإسبانية في 2013 يقول : نحن نـنظر لـ الموضوع و نحلله بهدوء لكن ليس لدينا اي مشاكل في تطبيق قانون (6+5) إذا طُلب منا ذلك , فما بالكم بـ قانون اللاعب المحلي. الفرق الإسبانية تختلف عن غيرها فهي تهتم بـ اللاعبين الشبان و تعطيهم فرص كبيرة لممارسة كرة لذلك بإمكاننا التكيف مع قوانين من هذا النوع.


بعض الإتحادات الأهلية بدأت في تطبيق  قانون (اللاعب المحلي) في مسابقاتها المحلية. هي بالطبع ليست مرغمة على ذلك لكن ربما رأت جدوى من تطبيقه أو تريد مساعدة أنديتها على الظهور بشكل مرضي أوروبيا. أهم هذه الإتحادات هو الإتحاد الإنجليزي الذي بدأ فعليا في تطبيق هذا القانون في موسم 2010-2011.

نسبة اللاعبين المحليين في الدوريات الأوروبية

قام أحد المواقع الشهيرة بـ تصنيف الــدوريـــات وفقا لـ نسبة اللاعبين الذين تنطبق عليهم شروط قانون اللاعب المحلي .. فكانت النتيجة كـ التالي:

6 – الدوري الإنجليزي (البريميرليغ) :

202 لاعب  = 36.5 %

5 – الدوري الإيطالي (السيريا آي) :

302 لاعب = 48.6 %

4 – الدوري الألماني (البوندزليغا) :

257 لاعب = 50 %

3 – الدوري الفرنسي (ليغا 1) :

344 لاعب = 58.5 %

2 – الدوري الإسباني ( لا ليغا) :

325 لاعب = 62.4 %

1 – الدوري الهــــــــولـــندي :

335 لاعب = 64.3 %

خاتمة

هنالك عدد كبير لا بأس به يرى أن أحد أهم عوامل تفوق المنتخب الإسباني مثلا هو نفس العامل الذي يعرقل تقدم منتخب إنجلترا .. " اللأعبين الشباب " . فما هو رأيك أنت كـ قارئ و مطَلع على الكرة الأوروبية؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق